الموقع:
تقع مدينة أبو سمبل علي بعد 280 كيلومتر من محافظة أسوان
وحوالي أربعين كيلومتر من الحدود المصرية السودانية. أخذت
المدينة أهميتها بسبب موقعها علي الضفة الغربية من نهر النيل
وبحيرة ناصر. ولذا فان هناك عدد كبيرا وهائلا من السائحين
يقصدونها للزيارة. أبو سمبل هو اسم حديث لمدينة قديمة كانت
تسمى في العصور القديمة أبشك والذي لا يعرف معناه حتى
الآن.وفي هذه المنطقة كان يوجد جبلين مقدسين يفد إليه أهل هذه
المنطقة ليتعبدون إلى الإلهين المحليين حتحور وحورس. وهذان
الجبلان يضمان المعبدين اللذان أقامهما رمسيس الثاني. وأطلق
المصريون القدامى على الجبل الجنوبي (جبل المعبد الكبير) "جبل
حورس سيد محا" وعلي الجبل الشمالي الذي يضم المعبد الصغير "جبل
حتحور سيدة أبشك" أو "الجبل الطاهر". . ربما كان المصريون
يقصدون بان المنطقة التي فيها الجبلين مقسمة إلى قسمين القسم
الشمالي يسمونه "ابشك" والقسم الجنوبي يسمونه "محا". ومن
الغريب أن هذه المنطقة التي لها الاسم الحديث أبو سمبل ليست
لها في الواقع أية علاقة بقرية أبو سمبل التي توجد شرق النيل و
إنما هي قرية
بلانة.ولان
النوبيين الذين يسكنون في هذه المنطقة يطلقون علي جبل المعبد
الكبير اسم" أبسمبل"فربما لهذا السبب تطور الاسم الأخير إلى
أبو سمبل. وكان يعيش في هذه المنطقة القبائل التي أطلق عليها
المصريون القدامى باسم" ايام" والتي سكنت بين توشكي شمالا
وبوهن جنوبا (حدود قرية بلانة) , وفي عصر الدولة القديمة كانت
بعثات الاستكشاف التي أرسلها المصريون لاكتشاف أفريقيا –قد
وصلت إلى هذه المنطقة, حيث يقول أحد المستكشفين –حرخوف-في نصوص
مقبرته بأسوان بان الهدف من رحلته هو "وبا وات خاست تن" (كشف
طريقا إلى هذه البلاد الصحراوية) وتبدو من خلال حكايته بأنه
استغرق سبعة اشهر من أسوان حتى أبو سمبل وفي رحلة ثانية إلى
هذه المنطقة وجد أن نزاعا قد دب بين أهالي ايام (أجداد ساكني
قرية بلانة ) وبين ساكني الصحراء الغربية , وحاول خرخوف أن
يصالح بينهما.
والمعروف انه في القرنين الخامس والسادس الميلاديين تطورت في
هذه المنطقة ثقافة جديدة أطلق عليها علميا اسم "ثقافة بلانة"وكانت
عاصمتها في شرق النيل في "جبل عدا" وقد كشف مخلفات هذه الثقافة
في بلانة وقسطل مثل مقابرها وأكواخها السكنية أما اغلب آثارها
فهي معروضة في متحف النوبة بأسوان. قبل عام 1960 لم يكن بمدينة
أبو سمبل سوي رجال الآثار الذين يعملون بالمعبدين والصيادين
الذين يعملون ببحيرة ناصر ولكن مشروع إنقاذ المعبدين عام1964
هو الذي فتح أبوب المدينة لكل الباحثين عن الرزق. شجعت الحكومة
المصرية النوبيين إلى العودة لتعمير أراضيهم مرة ثانية في
السبعينيات , وأقامت أكبر مشروع زراعي في مصر وهو مشروع "تعمير
جنوب الوادي في توشكي" التي لا تبعد سوي 45 كيلو مترا من أبو
سمبل. قيمة المدينة الأثرية تكمن في ثلاث مواقع , الأول و
الأهم هو معبدي أبو سمبل الذي أقامهما رمسيس الثاني من أجله
وأجل زوجته الحبيبة نفرتاري وهما موضوع هذا الكتاب الصغير
وثاني المواقع هو
"النبطة"
التي تبعد 170 كيلو مترا عن أبو سمبل ( أثريا تتبع تفتيش أثار
أبو سمبل), وفيه تم الكشف عن مساكن ومقابر تؤرخ فيما بين العصر
الحجري القديم الأعلى والعصر الحجري الحديث. أما الموقع الثالث
فيبعد 70 كيلومتر من شمال غرب أبو سمبل ويسمى "محاجر خفرع"
نسبة إلى الملك خفرع باني الهرم الثاني في الجيزة والذي نحت
تماثيله من هذه المحاجر, وقد كشفت بعثة جامعة ليفر بول
الإنجليزية في هذه المحاجر عن مساكن عمال المحاجر الذين كانوا
يعملون فيها بالإضافة إلى أقدم طريق محاجر في العالم والذي تم
كشفه في الكيلو 80 . ومدينة أبو سمبل الحالية قد تأسست ما بين
1963 و1968 وهي الفترة التي نفذ فيها مشروع إنقاذ معبدي أبو
سمبل وكانت المدينة تتكون من أربعة أحياء صغيرة أطلق عليها
مسميات حديثة. والأحياء الأربعة هي : حي رمسيس الذي يقع للجنوب
مباشرة من معبدي أبو سمبل وكان يسكن فيه أعضاء منظمة اليونسكو
وكبار المسؤولين المصريين الذين اشرفوا علي مشروع الإنقاذ ,
وحي منشية النوبة والذي كان يسميه أهل المدينة حي القباب بسبب
طراز المساكن التي يعلوها القباب النوبية, وسكن بهذا الحي
المهندسون والأثريون المصريون (مثل المهندس المقيم طه الشلتاوي
والأثرى المقيم انور شكري). والحي الثالث هو "العاشر من رمضان"
او حي الأجانب كما كان يسمي وسكن به الأجانب الذين عملوا
بالمشروع , أما الحي الرابع هو حي 6 أكتوبر والذي كان في الأصل
عبارة عن أكواخ العمال المصريين. ومما يؤسف له أن هذه الأحياء
قد تغيرت سواء في مسماها أو في معالمها الأصلية.
|



Click on each picture to see more pictures in large size |